وصف رواة الأثر ملامح صورة الإمام موسى بن جعفر فقالوا: كان أسمر اللون (23)، وقالوا: كان ربع القامة، كثّ اللحية، حسن الوجه، نحيف الجسم (24).
أما عن صفاته الخلقية: فهو ابن الأوصياء، حاكي في هيبته ووقاره هيبة الأنبياء، فما رآه أحد إلا هابه وأكبره لجلالة قدره، وسموّ مكانته، وحسن سيرته، وكريم أخلاقه.
ومرّة التقى به شاعر البلاط العباسي أبو نواس فانبهر بأنواره فانطلق يصوّر هيبته ووقاره بأبيات قال فيها:
إذا أبصرتك العين من غير ريبة وعارض فيك الشـك أثبتك القلب (25)
ولو أن ركـباً أممـوك لقادهم نسيـمك حــتى يستدل بك الركب
جعلتك حـسبي فـي أموري كلها وما خاب من أضـحى وأنت له حسب
ولو أن ركـباً أممـوك لقادهم نسيـمك حــتى يستدل بك الركب
جعلتك حـسبي فـي أموري كلها وما خاب من أضـحى وأنت له حسب
ولا يخفى أن هذه الأبيات كانت يقظة من يقظات الضمير، ونسمة علوية من نسيمات الروح، ذلك أن أبا نواس الذي كان يعيش على موائد بني العباس، والذي قضى معظم أيام حياته في اللهو المجون، قد انبرى إلى هذا المديح العاطر في الوقت الذي كان يمدح أهل البيت ينال عقوبة كبرى قد تؤدي به إلى الموت! لكن مثالية الإمام وواقعيته التي لا ندّ لها في عصره، قد سيطرت على روح الشاعر العباسي وأنسته النتائج.